عراق24: بغداد
في كثير من الأحيان، يصعب وضع تعريف محدد لصناعة السياحة، وبخلاف كثير من الصناعات الأخرى لا يوجد منتج واحد واضح في تلك الصناعة، إذ تضم مجموعة من الصناعات المختلفة، فالطيران والنقل البري والإقامة والتجول بين المعالم السياحية المختلفة، وشركات السفر والمطاعم ومحال بيع التذكارات السياحية وغيرها من الأنشطة تدخل جميعها ضمن المفهوم الواسع لصناعة السياحة.
مع هذا يتم تعريف السياحة عادة على أنها سفر شخص أو مجموعة من الأشخاص والإقامة في مكان خارج بيئتهم المعتادة لمدة تقل عن عام بهدف الترفيه أو البحث عن علاج أو لأسباب أخرى.
خلال العقود الثلاثة الماضية، انتعش القطاع السياحي على المستوى العالمي، لكن جائحة كورونا مثلت – ولا شك – لحظة انتكاسة عنيفة للقطاع وتطوره، وأرجعته إلى الخلف كثيرا، مع هذا فإن الربحية المحققة في هذه الصناعة، تجعل لدى عديد من البلدان حوافز حقيقية للاستثمار في السياسات التي تتيح تطوير السفر والسياحة.
تلك الجاذبية التي يمثلها القطاع السياحي اقتصاديا، لا تنفي أن التوقعات بشأن قدرة المشهد السياحي العالمي على الانتعاش هذا العام والعودة إلى ما كان عليه قبل جائحة كورونا لا يزال أمرا جدليا. فمجموعة متناقضة من العوامل تؤثر في المشهد السياحي في عامنا هذا.
الحرب الروسية – الأوكرانية لم تضع أوزارها ولا يلوح في الأفق ما ينبئ بذلك، ولهذا انعكاسات اقتصادية سلبية على الجاريين المتقاتلين، ومن ثم احتمال تقلص أعداد السياح القادمين من البلدين وتراجع قدرتهم المادية، وهو أمر مرجح للغاية. وإذا أخذنا في الحسبان أن السائحين الروس والأوكرانيين محرك رئيس للقطاع السياحي في عديد من بلدان منطقة شرق البحر المتوسط، فإننا يمكن أن ندرك التأثير السلبي للحرب في القطاع السياحي في عدد من الوجهات السياحية العالمية.
على الجانب الآخر، تفتح الصين أبوابها وتتخلى عن سياسة صفر كوفيد، ما ينبئ عن إمكانية عودة السائحين الصينيين إلى المسرح العالمي وإنعاش سوق السياحة الدولية، في الوقت ذاته يحتمل أن يعصف الركود بالاقتصاد العالمي، وسيكون هذا شديد التأثير في أسواق السياحة في العالم، لكن قوة الدولار المتنامية ترجح إمكانية أن يكون السائح الأمريكي لاعبا رئيسا في سوق السياحة الدولية هذا العام.
إذن، مجموعة متنوعة ومتضاربة من العوامل ستترك بصماتها على السوق السياحية الدولية في 2023، في هذا السياق استطلعت “الاقتصادية” آراء ثلة من الخبراء في المجال السياحي لرسم صورة للمشهد السياحي الدولي ونتائجه المحتملة.
ألكس دين الرئيس التنفيذي السابق في منظمة السياحة العالمية يبدو متفائلا بشأن المسار العام للساحة الدولية هذا العام دون أن يستبعد إمكانية حدوث بعض الاضطرابات.
ويؤكد أنه خلال العام الماضي زاد إنفاق السياحة الوافدة أي من الزائرين العابرين للقارات والأقاليم 112 في المائة مقارنة بعام 2021، وذلك على الرغم من التضخم الذي ضرب الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من 2022، ويظهر إنفاق السائحين لكل رحلة زيادة 13 في المائة بأسعار 2022، بمتوسط يبلغ 1331 دولارا لكل سائح في جميع أنحاء العالم.
وحول 2023، يتوقع الباحث ألكس دين أن يتجاوز إجمالي الإنفاق السياحي 1.4 تريليون دولار على المستوى الدولي، مع ارتفاع في عدد السياح الوافدين على الصعيد العالمي 30 في المائة.